قلق غربي من تقارب السودان مع روسيا
الخرطوم تتحدث عن استضافة قاعدة بحرية روسية على سواحلها في البحر الأحمر
قال نائب رئيس المجلس العسكري في السودان، الفريق أول محمد حمدان دقلو (المعروف باسم حميدتي)، إن بلاده ليس لديها مشكلة في أن تقيم روسيا أو أي دولة أخرى قاعدة بحرية على ساحلها على البحر الأحمر بشرط ألا تشكل أي تهديد على أمنها القومي.
جاء ذلك بعد زيارة حميدتي للعاصمة الروسية موسكو واستغرقت أسبوعًا، وأكد في أعقابها إن السودان لا تزال منفتحة على احتمال المضي قدما في اتفاقية تم التوصل إليها خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير حول استضافة قاعدة بحرية روسية على ساحل البحر الأحمر.
وأضاف حميدتي في تصريحات أدلى بها فور عودته من موسكو الأسبوع الماضي “إذا كانت هناك مصلحة للسودان وشعبه بإقامة القاعدة، وفائدة لإقليم شرق البلاد، فلا توجد موانع”.
وتابع “لدينا 730 كيلومتراً على البحر الأحمر، لو أرادت أي دولة أن تقيم قاعدة عسكرية، ولدينا مصالح مشتركة، ولا تهدد أمننا القومي، فلا مشكلة لدينا في التعامل مع روسيا أو غيرها”.
وفي حديثه، أشار حميدتي إلى القواعد العسكرية الموجودة في الدول الإفريقية، مثل جيبوتي والنيجر ودول أخرى.
هذه التصريحات تأتي بعد أن ناقش حميدتي مع المسؤولين الروس كيفية توسيع العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين البلدين.
الاستثمارات الروسية
وعقب اجتماع عقده مع نائب وزير الدفاع الروسي الجنرال اليكسندر موفين، نُقل عن حميدتي قوله إن السودان يتمتع “بإمكانيات هائلة توفر فرصة كبيرة للاستثمارات الروسية بما يحقق الفائدة المشتركة لكلا البلدين”.
وفي تغريدة نشرها على صفحته الرسمية على موقع تويتر، كتب كاميرون هدسون، المسؤول السابق في البيت الأبيض والمبعوث الأمريكي السابق للسودان “حميدتي يبدأ حرب عروض”.
غضب الدول الغربية
إن الاتفاق الذي تم توقيعه في عهد البشير، الذي أُطيح به عام 2019، يسمح للبحرية الروسية بإقامة قاعدة عسكرية في مدينة بورتسودان الاستراتيجية المطلة على البحر الأحمر، ويسمح لموسكو بالاحتفاظ بالقاعدة لمدة 25 عاما مع تمديد تلقائي لمدة 10 سنوات بحال لم يعترض أي من الجانبين.
وكان من المقرر أن تقوم موسكو بناء على الاتفاق، بإنشاء “مركز للدعم اللوجيستي” في بورتسودان حيث يمكن إجراء “عمليات الإصلاح وإعادة الإمداد”. كما يسمح الاتفاق للبحرية الروسية بالاحتفاظ بما يصل إلى أربع سفن في وقت واحد في القاعدة بما في ذلك السفن التي تعمل بالطاقة النووية.
هذا الاتفاق الذي أثار غضب دول غربية عدة على رأسها الولايات المتحدة، دفع المجلس التشريعي الذي تأسس من مدنيين وعسكريين عقب الإطاحة بالبشير إلى الإعلان عن تجميد الاتفاقية العسكرية مع روسيا بما فيها القاعدة العسكرية، الأمر الذي نفته موسكو حينها.
ليخرج في ما بعد رئيس أركان الجيش السوداني، محمد عثمان الحسين، ويعلن في 2 يونيو/حزيران، أن السودان بصدد مراجعة الاتفاقية العسكرية مع روسيا بما فيها إنشاء القاعدة العسكرية شمالي مدينة بورتسودان .
تعزيز العلاقات الروسية السودانية
هذه الزيارة التي استمرت لمدة ثمانية أيام أثارت قلق المسؤولين الأمريكيين من توطيد العلاقات بين المجلس العسكري وموسكو، وفي وقت يحتاج فيه السودان إلى خطة إنقاذ اقتصادي بعد أن قطع الغرب عنه المساعدات في أعقاب انقلاب أكتوبر/ تشرين الأول.
وكان قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم) الجنرال ستيفن تاونسند، أشار الشهر الماضي إلى أنه يعتقد أن موسكو قد يكون لها صلة بانقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول.
القلق الأمريكي
وكانت إدارة بايدن قد طالبت بإعادة تشكيل حكومة مدنية في السودان، بينما كانت تدرس خياراتها المتعلقة بفرض عقوبات محتملة على كبار القادة العسكريين في البلاد.
وأجلت واشنطن خيار اللجوء إلى فرض عقوبات حتى الآن.
وبحسب مصدر مطلع، يبحث مسؤولون أمريكيون إعادة إرسال جزء كبير من حزمة المساعدات التي خصصتها واشنطن في وقت سابق للسودان بقيمة 700 مليون دولار، تم تعليقها في ما بعد، لدعم مجموعات المجتمع المدني السودانية ولجان النشطاء المؤيدين للديمقراطية وعملية الحوار التي تقودها الأمم المتحدة.
مغازلة المجلس العسكري لروسيا، تثير القلق الأمريكي، ويسعى مسؤولون بقيادة مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية مولي فيي إلى البناء على شراكة واشنطن مع الخرطوم في مبادرات مكافحة الإرهاب.