صحيفة أمريكية تفضح الموقف الإسرائيلي من مفاوضات وقف النار في غزة
نتنياهو يرسل وفده للتفاوض في قطر ويضع شروط تعرقل الاتفاق مع "حماس"
كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” من خلال وثائق اطلعت عليها، أن رئيس حكومة اليمين الإسرائيلي الفاشي بنيامين نتنياهو، وضع “شروطاً جديدة سراً” لمطالب إسرائيل بمفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ستؤدى إلى عرقلة التوصل لاتفاق بشأن القطاع.
وذكرت الصحيفة الأميركية في تقرير، الثلاثاء، أن نتنياهو نفى على مدار أسابيع، محاولته عرقلة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، في حين دأب على تحميل حركة حماس مسؤولية وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، رغم اتهام كبار أعضاء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية له “بإبطاء” عملية التفاوض.
ونقلت عن وثائق غير منشورة تُفصّل مواقف إسرائيل التفاوضية، أن الأخيرة سلّمت قائمة من الشروط الجديدة في أواخر يوليو الماضي إلى الوسطاء الأميركيين والمصريين والقطريين، أضافت فيها شروطاً “أقل مرونة” إلى مجموعة من المبادئ التي وضعتها في مايو.
وأشارت إلى أن ثمة شكوك أُثيرت بشأن استعداد “حماس” للتوصل إلى تسوية بشأن مسائل رئيسية، إذ طلبت الحركة أيضاً إجراء مراجعات مكثفة ومستفيضة طوال عملية التفاوض، في حين تنازلت عن بعض النقاط الصغيرة في يوليو.
وكان الرئيس الأميركي جو بايدن طرح خطة لوقف إطلاق النار من 3 مراحل في 31 مايو الماضي، قال إن إسرائيل اقترحتها، وتحاول الولايات المتحدة والوسيطان مصر وقطر منذ ذلك الحين التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع.
وثائق صحيحة
ولكن الوثائق التي راجعتها “نيويورك تايمز”، وتأكدت من صحتها مع مسؤولين إسرائيليين وأطراف أخرى مشاركة في المفاوضات، أظهرت أن المناورات التي تمارسها حكومة نتنياهو خلف الكواليس كانت “مكثفة وهائلة”، مشيرة إلى أن الاتفاق ربما يكون “بعيد المنال” في جولة المفاوضات الجديدة التي من المقرر أن تبدأ الخميس.
وقالت “نيويورك تايمز” إن أحدث وثيقة قُدمت إلى الوسطاء قبل فترة وجيزة من انعقاد قمة روما في 28 يوليو، أشارت، من بين شروط أخرى، إلى ضرورة أن تبقى الحدود الجنوبية لغزة تحت سيطرة القوات الإسرائيلية، وهو شرط لم يكن مدرجاً في المقترح الإسرائيلي المقدم خلال مايو الماضي.
كما كشفت الوثيقة أيضاً عن “مرونة أقل” بشأن السماح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى منازلهم في شمال غزة بمجرد توقف القتال.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولين بارزين قولهما، إن أعضاء بفريق التفاوض الإسرائيلي يخشون أن تتسبب شروط نتنياهو في إفشال التوصل لصفقة مع حركة “حماس”.
وعلى مدى أشهر أجرت إسرائيل و”حماس” مفاوضات غير مباشرة، توّسطت خلالها مصر وقطر والولايات المتحدة، لوقف القتال في غزة وتحرير ما تبقى من الإسرائيليين المحتجزين لدى “حماس”، وإطلاق سراح مئات الفلسطينيين القابعين في السجون الإسرائيلية.
وبينما أبدت “حماس” أيضاً بعض المرونة، يلقي معارضون إسرائيليون باللائمة “جزئياً” على نتنياهو في وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، لأن شروطه الجديدة تهدد بإخراج المحادثات عن مسارها في وقت يبدو فيه التوصل إلى اتفاق في المتناول.
وأكد البعض أن نتنياهو يمنح الأولوية لاستقرار حكومته الائتلافية على حرية الرهائن، إذ تعتمد أغلبيته الصغيرة في البرلمان على العديد من المشرعين اليمينيين المتطرفين، الذين يرهنون دعمهم باستمرار الحرب.
مكتب نتنياهو ينفي
وقال مكتب نتنياهو رداً على تقرير “نيويورك تايمز”، إن رئيس الحكومة لم يضف شروطاً جديدة، ولكنه سعى لتوضيح نقاط غامضة في المقترح الإسرائيلي بشأن وقف إطلاق النار بحيث يسهل تطبيقه.
وأوضح مكتب نتنياهو في بيان أن “الخطاب المؤرخ في 27 يوليو لم يقدم شروطاً جديدة”، مؤكداً أنه “يتضمن، على العكس من ذلك، توضيحات جوهرية للمساعدة في وضع مقترح 27 يوليو موضع التنفيذ”.
وزعم أن “حماس هي التي طالبت بإجراء 29 تعديلاً على مقترح 27 مايو، وهو ما رفض رئيس الوزراء الانصياع له”.
وكرر البيان تصريحات مماثلة لنتنياهو ومكتبه في الأسابيع الأخيرة، وأصدر مكتب رئيس الوزراء، الاثنين، بياناً شدد فيه على أن رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، يحيى السنوار، “كان ولا يزال العقبة الوحيدة أمام اتفاق الرهائن”.
وفي اجتماع في 4 أغسطس مع وزراء الحكومة، قال نتنياهو إن إسرائيل “لم تضف مطلباً واحداً إلى المقترح”، وإن “حماس هي التي طلبت إضافة عشرات التعديلات”.
مع ذلك، ففي خطاب إلى الوسطاء في 27 يوليو، أضاف فريق التفاوض الإسرائيلي “5 شروط جديدة” إلى الخطوط العريضة للاتفاق التي كان اقترحها قبل شهرين، في 27 مايو، وفق “نيويورك تايمز”.
نقاط الخلاف الجوهرية
وكانت إحدى الإضافات الأكثر إثارة للجدل هي إدراج خريطة تشير إلى بقاء المنطقة الحدودية بين غزة ومصر، المعروفة باسم “محور فيلادلفيا”، تحت السيطرة الإسرائيلية.
وعلى النقيض من ذلك، تضمن الاقتراح الإسرائيلي في مايو مغادرة القوات المنطقة الحدودية. وتعهد بـ”انسحاب القوات الإسرائيلية شرقاً بعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان على طول الحدود في جميع مناطق قطاع غزة”.
وتضيف نقطة الخلاف الرئيسية الثانية تعقيداً جديداً إلى طريقة عودة الفلسطينيين النازحين إلى بيوتهم في شمال غزة خلال وقف إطلاق النار.
وعلى مدى أشهر قالت إسرائيل إنها لن توافق على وقف إطلاق النار إلا إذا تمكن جنودها من تفتيش الفلسطينيين العائدين بحثاً عن أسلحة أثناء انتقالهم من جنوب إلى شمال غزة.
وبعد ذلك، في مقترح مايو، خففت إسرائيل من حدة هذا المطلب. وبينما لا تزال ورقة موقفها تنص على أنه “لا يجب أن يحمل العائدون سلاحاً لدى عودتهم”، إلا أنها أزالت الشرط الصريح بأن تقوم القوات الإسرائيلية بتفتيشهم بحثاً عن الأسلحة، ما جعل هذا الإجراء يبدو “رمزياً أكثر منه قابلاً للتطبيق”، ما دفع بحماس إلى الموافقة عليه، وفق “نيويورك تايمز”.
وأنعش خطاب إسرائيل في يوليو مسألة تنفيذ هذا الإجراء، حيث ذكر أن تفتيش الفلسطينيين العائدين إلى الشمال “سيحتاج إلى أن يُطبق بطريقة متفق عليها”.
وقال مكتب نتنياهو إنه لا يوجد تناقض بين الموقفين، مشيراً إلى أن الثاني جعل تنفيذ الأول أسهل. وذكر البيان أن “الخطاب ليس فقط لا يناقض مقترح 27 مايو، وإنما يسهلّه أيضاً”.
التشكيك في حماس
وخلال الأسابيع الأخيرة أشار نتنياهو إلى أنه “من المقبول أن تسعى إسرائيل إلى منع حماس من إعادة بناء معاقلها العسكرية في شمال غزة”.
وفي 4 أغسطس اتهم نتنياهو حركة “حماس” بأنها “غير مستعدة للسماح بأي آلية للتفتيش ومنع الذخيرة والإرهابيين من المرور إلى شمال قطاع غزة”، مضيفاً أن الحركة تقوم بذلك كله لأنها تريد “التعافي وإعادة البناء والعودة إلى تكرار مذبحة 7 أكتوبر المرة تلو الأخرى”.
ويتفق كبار المسؤولين الإسرائيليين المطلعين على المفاوضات الأخيرة، وأيضاً قادة قوات الأمن الإسرائيلية من حيث المبدأ مع نتنياهو على أنه من الأفضل المحافظة على نقاط التفتيش لفحص الفلسطينيين بحثاً عن أسلحة.
ولكنهم يعتقدون أيضاً أن هذه المسألة لا تستحق تأجيل التوصل إلى اتفاق، ويريدون من نتنياهو أن يتراجع قبل الاجتماع المقرر عقده الخميس، حتي يتم إطلاق سراح الأسرى بأسرع وقت ممكن، وفق ما قاله كبار المسؤولين لـ”نيويورك تايمز”.
جولة جديدة من المفاوضات
وتستضيف العاصمة القطرية الدوحة، الخميس، جولة جديدة من المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن، بحضور مسؤولين من إسرائيل والولايات المتحدة ومصر وقطر في غياب ممثلين عن حركة حماس.
وأكد نتنياهو، الأربعاء، أن وفدا إسرائيليا سيحضر محادثات وقف إطلاق النار التي ستجري، الخميس، في الدوحة.
وجاء في بيان صادر عن مكتبه “وافق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على مغادرة الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة غدا (الخميس)، وكذلك على التفويض بإجراء المفاوضات”.
ونقلت وكالة فرانس برس عن مكتب نتنياهو أن رئيس جهاز الموساد ديفيد برنياع، ورئيس جهاز الأمن الداخلي شين بيت (الشاباك) رونين بار سيشاركان في محادثات الدوحة.
من جانبه، قال مسؤول مطلع على المحادثات لوكالة رويترز إنه من المقرر عقد المفاوضات في الدوحة، الخميس، بمشاركة مسؤولين من إسرائيل وقطر والولايات المتحدة ومصر.
حماس لن تشارك بالمفاوضات
وأضاف المسؤول أن الوسطاء يتوقعون التشاور مع حركة حماس بعد محادثات وقف إطلاق النار في الدوحة.
وكان القيادي في حركة حماس محمود مرداوي قد أكد في تصريحات صحافية، اليوم إن الحركة لن تشارك بالمفاوضات من أجل التفاوض فقط، مضيفا أن الشعب الفلسطيني هو من يحدد “اليوم التالي” لما بعد الحرب على قطاع غزة.
وأضاف مرداوي أن الحركة لا تفاوض على ما تم الاتفاق عليه والمطلوب تنفيذه، مشيرا إلى أن “هناك مقترحا على الطاولة وافق عليه مجلس الأمن ويجب تنفيذه”.
وشدد القيادي في حماس على ضرورة انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، وقال “يجب الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بالكامل”، مضيفا أنه يجب كذلك “التأكيد على وقف الحرب وعدم اجتزاء أي مناطق من غزة”.
وكان ممثل حماس في لبنان أحمد عبد الهادي، قال لشبكة سي بي أس الإخبارية، أمس الثلاثاء، إن الحركة لن تشارك في المحادثات المقررة غدا الخميس.
وأضاف عبد الهادي أن الحركة لم تتلق ضمانات بأن إسرائيل ستلتزم بالتفاوض بناءً على اقتراح سابق استند إلى رؤية الرئيس الأميركي جو بايدن وقرار مجلس الأمن الدولي.
وأضاف “نحن لسنا ضد مفهوم المفاوضات.. كنا مرنين في الجولات السابقة”، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته رفضوا الاقتراح ووضعوا شروطاً جديدة واغتالوا رئيس الحركة إسماعيل هنية في طهران أواخر الشهر الماضي.
كانت حماس قد أكدت استعدادها للقاء الوسطاء بعد محادثات الخميس في قطر، إذا قدمت إسرائيل ما أسمته “ردا جديا”، وفقا لدبلوماسي مطلع على المحادثات.
وكان سفراء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا في إسرائيل قد أصدروا بيانا مشتركا، الأربعاء، دعوا فيه إلى التوصل إلى اتفاق من شأنه وقف إطلاق النار وعودة المحتجزين الإسرائيليين، حسبما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية.
وقال السفراء في بيانهم: “لا نعرف كم من الفرص لدينا لإعادة هذه المفاوضات إلى نصابها والتوصل إلى نتيجة ناجحة. والنتيجة تعني عودة الرهائن إلى ديارهم؛ وإعادة توحيد الأسر”.
وأضافوا “نحن نقف مع الرهائن وعائلاتهم، وندعو جميع الأطراف إلى التوصل إلى اتفاق بشأن الصفقة الآن”.